من نحن ؟ | معرض الصور | الاقتراحات | التواصل معنا
Loading ... please Wait
مشاهدة Image
- -هل الدستُور موافقٌ للقُرآن؟
الفتاوى > > هل الدستُور موافقٌ للقُرآن؟
عدد المشاهدات : 0
تاريخ الاضافة : 2021/08/05
المؤلف : أبو عبدالرحمن الصومالي


هل الدستُور موافقٌ للقُرآن؟
بسمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحِيم
يقُولُون: "ليس في دساتير الدُول العلمانيَّة كُفرٌ صريح، وإنّما هيَ مُجرَّد اتّفَاقِيات بين أعيان الأمّةِ، أهلِ الحلِّ والعقدِ، وتقريراتٍ لتنظيم النّظام الدولي. وليس فيها ما يُعارضُ كتابَ اللهِ".

فنسألُهم ما تقُولون في حاكِمٍ مسلمٍ أعلنَ العملَ بكِتابِ الله، ووعدَ تطبيقَ الشريعةِ الإلهيةِ جُملةً وتفصِيلا، ولكنَّهُ استثنى حُكمًا واحِدًا، هو إسقاطُ وجُوبِ الصلاةِ العَيْنِي، وقال نجعَلُها على التخيير، فمن شاءَ صلَّى ومن شاءَ تركَ، ومن تركَها فهو مُواطنٌ كريمٌ، لا يُعَاقَبُ، ولا يُقدَحُ في شرَفِهِ، ولا يُمنعُ أن يتمتَّعَ بِحقُوقِهِ في الحياة، والاشتراكِ في المناصِبِ القِيادِية، كغيرهِ من أبناءِ المُجتمع؟!!.

لا شكَّ أنّهم يقُولُون: "هو كافرٌ يُستتابُ وإلا قُتِلَ بكُفرهِ". وذلكَ لأنّ التكفيرَ النّظري سهلٌ إطلاقُهُ، فلا يتردَّدُون ولا يتلعثمُون فِيهِ. أمَّا التكفير العملي الواقِعِي الّذي يَجرُّ لهم العقُوبات والتبعات، ويجعلُهم كالمنبُوذِين، فهم يُحجِمُون عنه، ولا ينظرُون فيه. أو يُعارضُونهُ باللفِّ والدوران، وقيلَ وقالَ، وتزويرِ حقائِقِ الدِّين.

ففي الدساتير أنَّ المواطنين متساوُون في الكرامة والحرِّيّة، ولا سيادةَ فوقَ سيادةِ القانُون، ولا يُعاقَبُ المواطِنُ بعُقُوبةٍ ليست في الدستُور. مع علمهم بأنّهُ ليسَ في الدُستُور عقُوبةٌ لتاركِ الصلاة. فهم يعلمُون أنَّ الصلاةَ عند الحكامِ اليومَ على التخيير، فمن شاءَ صلَّى ومن شاءَ تركَ، ومن تركَها فهو مُواطنٌ كريمٌ، لا يُعَاقَبُ، ولا يُقدَحُ في شرَفِهِ، ولا يُمنعُ أن يتمتَّعَ بِحقُوقِهِ في الحياة، والاشتراكِ في المناصِبِ القِيادِية، كغيرهِ من أبناءِ المُجتمع؟!!.

وهذا مثالٌ واحِدٌ من أمثلةٍ كثيرة، فليس في الدستُور حُكمُ مانعِ الزكاةِ ومُنكر الصوم والحجِّ والجهادِ، والواقع في شُربِ الخُمُور والزنا والرَّبا والقذف والسرقة، بل ليس فيهِ حُكمَ المُرتدِّ عن الإسلام. ومعَ غيابِ أحكام الدِّين كُلّها، فإنّهم أثبتُوا في دستُورهم قاعِدتين تُفهِمَانِكَ أنَّ الشريعةَ الإلهية منسُوخة عندهم من أمَدٍ بعِيدٍ.

القاعِدةُ الأولى تقُولُ: جميعُ المواطِنين مُتساوُون في الحرّيّة والكرامة الاجتماعية، وان اختلفُوا في الدِّين والجنسيّةِ والمرتبة الاقتصادية.
والقاعِدةُ الثانية تقُولُ: السيادةُ للدُستُور ولا تُوجَدُ سلطة تشريعيّة فوقَ سلطة الدستور، ولا عقُوبة ليست في الدُستُور. فتمَّ لهم ذبحُ الإسلامِ بسكين من ذهبٍ كما يُقال، وتمَّ لهُم وأدُ جميع أحكام الشريعة الإلهية بهذين السطرين القصيرين.

ثُمَّ إنّهم بعدَ ذلك يقُولُون: "ليس في دساتير الدُول العلمانيَّة كُفرٌ صريح، وإنّما هيَ مُجرَّد اتّفَاقِيات بين أعيان الأمّةِ، أهلِ الحلِّ والعقدِ، وتقريراتٍ لتنظيم النّظام الدولي. وليس فيها ما يُعارضُ كتابَ اللهِ".

إنّ الحاكِمَ المُسلمَ إذا جمعَ شطرًا من أحكامَ الشريعة الإلهية في كتابٍ، وسكتَ عن الشطرِ الآخر، وكتبَ في الصفحةِ الأولى أو الأخيرةِ من كِتَابِهِ هذه البُنُود:
1ـ يجبُ العملُ بهذا الكتابِ، ومن عملَ بِخلافِهِ فهو خائِنٌ للوطن.
2ـ ولا عِقابَ إلا بما جاءَ في هذا الكتاب. وما ليسَ في هذا الكتابِ فليس لهُ شرعيّة ولا يُلزَمُ بها الموطنُون.

لو فعلَ هذا حاكِمٌ مُسلمٌ لعُدَّ مُرتدًّا عن الإسلام، ولا شكَّ، ولقِيلَ وما الكُفرُ والتكذِيبُ إن لم يكُن هذا، ولقِيلَ إن لم يكُن هذا كُفرًا فما في الدُنيا كُفرٌ. ولاستدلَّ المستدلُّون على كُفره بقولِهِ تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:85)، وغيرها من الآيات الكريمة.

هذا معَ أنَّهُ قد أخذَ شطرَ الشريعةِ، وتركَ شطرَها الآخر. فإن يكُن مثلُ هذا كافرًا في كِتابِ اللهِ، فكيفَ بمن ألغى الشطرين، ورفع الشرعيَّةِ عن جميع أحكام الله، لِمَ لا يكفرُ من تركَ أحكامَ الشريعة كلِّها، تركَ كلّياتِها وجُزئيَّاتِها، أصُولَها وفرُوعَها، ثمَّ كتبَ في كتابِهِ المجرَّدِ عن الدِّينِ هذه البُنُود:
1ـ يجبُ العملُ بهذا الكتابِ، ومن عملَ بِخلافِهِ فهو خائِنٌ للوطن.
2ـ ولا عِقابَ إلا بما جاءَ في هذا الكتاب. وما ليسَ في هذا الكتابِ فليس لهُ شرعيّة ولا يُلزَمُ بها الموطنُون.

قال الإمام ابن كثير في قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50].
"يُنكِرُ تعالي على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كلّ خير الناهي عن كلّ شرّ وعدل إلي ما سواه من الآراء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونَها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم "جنكزخان" الذي وضع لهم "الياسق" وهو عبارة عن كتاب مجموعة من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملّة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرّد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمن فعل ذلك فهو كافرٌ يجب قتاله حتى يرجع إلي حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير" (إﻫ).
وقال أيضاً (في البداية والنهاية) بعد أن سرد بعض الأحكام من كتاب "الياسق":
"وفي ذلك كلّه مخالفة لشرائع الله المنَزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فمن ترك الشرع المحكم المنَزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلي غيره من الشرائع المنسوخة كفر. فكيف بمن تحاكم إلى "الياسق" وقدّمها عليه؟ فمن فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين. قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50]. وقال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) الآية. [ص:13/119]. (اﻫ).
ما أوضحَ هذه المسألة وإن تجاهلها الكثيرُون، وكفي بشيُوخ البلادِ عمًى أن يعمَى عليهم هذا الكُفر البواح.


اخبر صديق

Kenana Soft For Web Devoloping